أصدر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم دبي، قانونا ينظم الملكية العائلية في الإمارة دبي، بهدف وضع إطار قانوني شامل وواضح لتنظيم الملكية العائلية وتسهيل انتقالها بين الأجيال المتعاقبة بسهولة ويسر، والمحافظة على استمراريتها.
يستهدف القانون كذلك تعزيز الدور الذي تقوم به الملكية العائلية في تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي، والمحافظة على التماسك الاجتماعي، والابتعاد عما يثير المنازعات بين أفراد العائلة الواحدة، ولم شمل أفراد العائلة ضمن شراكات قوية ومتينة، تستطيع المنافسة في الأنشطة الاقتصادية كافة وتحفيزها على خدمة المجتمع خاصة في مجال التعليم والصحة والثقافة، وكذلك الوفاء باحتياجات التطور والنمو، عن طريق تنمية قدرة القيادات الشابة من الأجيال المتعاقبة لإدارة الملكية العائلية، وتمكينهم من الاستفادة من خبرة الآباء والأجداد.
و تطبق أحكام القانون الجديد بناء على رغبة أفراد العائلة، الذين تجمعهم ملكية مشتركة، سواء كانت قائمة وقت العمل بهذا القانون أو يتم تأسيسها بعد العمل به والتي يكون محلها الأسهم والحصص في الشركات التجارية والشركات المدنية وأصول المؤسسات الفردية، باستثناء الشركات المساهمة العامة أو أي مال آخر منقول أو غير منقول.
وبحسب القانون الجديد، يتم إنشاء وتنظيم الملكية العائلية عن طريق عقد الملكية العائلية، المنظمة أحكامه بموجب هذا القانون، وما يتم الاتفاق عليه بين الشركاء، حيث عرف القانون “الملكية العائلية” بأنها الأموال المنقولة وغير المنقولة وحقوق المؤلف والحقوق المجاورة وحقوق الملكية الصناعية لبراءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية والعلامات التجارية وغيرها من الحقوق الأخرى التي تكون محلا لعقد الملكية العائلية.
كما عرف القانون “عقد الملكية العائلية” بأنه اتفاق يتم إبرامه بين أفراد العائلة الذين تجمعهم وحدة العمل أو المصلحة ويتم بموجبه تنظيم الملكية العائلية بوصفه مالا شائعا بينهم وكذلك تحديد كيفية إدارة هذه الملكية.
شروط عقد الملكية العائلية في إمارة دبي
ووفقا للقانون يشترط في عقد الملكية العائلية حتى يكون صحيحا أن يكون أطرافه أعضاء في العائلة، وأن يجمع بين أطرافه عمل واحد أو مصلحة مشتركة، وأن يتم تحديد نصيب وحصة كل شريك في عقد الملكية العائلية، وأن تكون الأموال التي تمثل محل عقد الملكية العائلية مملوكة لأطرافه أو لديهم حق التصرف بها، وكذلك أن تتم المصادقة عليه لدى الكاتب العدل، وفقا للقواعد والإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم /4/ لسنة 2013 بشأن الكاتب العدل في إمارة دبي، وألا يكون العقد مخالفا للنظام العام.
وسيتمتع عقد الملكية العائلية بالحجية ذاتها التي تتمتع بها المحررات التي يتم توثيقها لدى الكاتب العدل، سواء في مواجهة الشركاء أو خلفهم الخاص أو العام أو الغير، وتحدد مدته باتفاق الشركاء، على ألا تزيد هذه المدة على خمس عشرة سنة، ويجوز تجديد مدة عقد الملكية العائلية بإجماع الشركاء للمدة التي يتفق عليها بينهم، على ألا تزيد هذه المدة في كل مرة يتم فيها تجديد العقد على المدة ذاتها، وإذا لم يكن هناك اتفاق بين الشركاء على تحديد مدة عقد الملكية العائلية، فإنه يجوز لأي شريك أن يطلب من اللجنة القضائية الخاصة التي يشكلها صاحب السمو حاكم دبي وفقا لأحكام هذا القانون لتسوية المنازعات الناشئة عن عقد الملكية العائلية، الإذن له في إخراج نصيبه من الملكية العائلية بعد ستة أشهر من قيامه بإشعار باقي الشركاء بشكل مكتوب برغبته في ذلك.
وحدد القانون شروط سريان عقد الملكية العائلية وآليات تعديله، كما نظم ملكية الشركاء في حال وفاة الشريك أو فقده أو نقص أهليته، وتصرف الشريك أو الوارث في حصته وأيلولة حصته للغير، وإشهار إفلاس الشريك أو إعساره.
إدارة الملكية العائلية في إمارة دبي
ونص القانون على أن تتم إدارة الملكية العائلية المنظمة بعقد الملكية العائلية بواسطة مدير، يتم تعيينه بقرار من الشركاء الذين يملكون ما نسبته ثلثي الملكية العائلية على الأقل، ويجوز أن يكون المدير شخصا واحدا أو أكثر، على أن يكون عددهم فرديا، سواء كانوا من بين الشركاء أنفسهم أو من الغير، كما يجوز أن يكون المدير شخصا معنويا، وتخضع إدارة الملكية العائلية لأحكام هذا القانون، والقواعد والإجراءات التي يتضمنها عقد الملكية العائلية، ولا يجوز للشركاء التدخل في إدارة الملكية العائلية أو الأصول التابعة لها إلا بالشكل الذي يحدده عقد الملكية العائلية.
ويجيز القانون النص في العقد على تشكيل مجلس إدارة يشرف على إدارة الملكية العائلية، وعلى أعمال المدير، وتتم تسمية أعضاء مجلس الإدارة في العقد، فإن خلا عقد الملكية العائلية من هذا النص، فإنه يجب أن يحدد في العقد الجهة المخولة بتسمية أعضاء مجلس الإدارة، كما يجوز أن يتضمن عقد الملكية العائلية القواعد والضوابط والشروط التي تحكم تشكيل مجلس الإدارة وصلاحياته ومدة العضوية فيه وأتعاب أعضائه وعزلهم واللجان التابعة له، وتحديد المعايير الشخصية والموضوعية الملائمة للعضوية فيه، وسائر المسائل المتعلقة بحوكمة مجلس الإدارة.
ووفقا للقانون لا ينال من تعيين المدير أو أعضاء مجلس الإدارة وفاة واحد أو أكثر من الشركاء أو إفلاسه أو إعساره أو فقدان أو انتقاص أهليته، حيث تبقى إدارة الملكية العائلية على حالها إلى حين تعيين مدير جديد أو إعادة تشكيل مجلس الإدارة وفقا للآلية المنصوص عليها في عقد الملكية العائلية، ويحق للشركاء غير المديرين الاطلاع على شؤون الملكية العائلية، كما يجوز لهم تشكيل مجلس للشركاء، وتحديد اختصاصاته، وشروط العضوية فيه، وهيكله التنظيمي والإداري والمالي وغير ذلك من الأحكام التي تهدف إلى تعزيز التواصل الإيجابي والبناء بين الشركاء، وكيفية تواصلهم مع المدير، وغيرها من المسائل المتعلقة بحوكمة مجلس الشركاء.
كما يجوز أن يحدد عقد الملكية العائلية الحد الأدنى من المؤهلات العلمية والخبرات العملية والصفات السلوكية وغيرها من المعايير التي يجب أن تتوفر في الشركاء وأفراد أسرهم للعمل في الشركات والمؤسسات التي تكون محلا للملكية العائلية، على أن يخضع الالتزام بهذه المعايير للتدقيق من قبل لجنة يتم اختيارها وفقا لما ينص عليه عقد الملكية العائلية.
اختصاصات مدير الشركة العائلية والتزاماته
وبموجب القانون يحدد عقد الملكية العائلية مهام وصلاحيات المدير، ويكون له على وجه الخصوص، وبما لا يتعارض مع العقد عدد من المهام هي: الإدارة المباشرة للملكية العائلية، وتوزيع الأرباح والمنافع المتأتية من المال المشترك على الشركاء بالشكل والنسب التي ينص عليها عقد الملكية العائلية، والاقتطاع من الأرباح أو المنافع المستحقة الدفع لأي شريك، المبالغ التي تكون مستحقة بذمة هذا الشريك لصالح الملكية العائلية، والطلب من اللجنة القضائية الخاصة إخراج أي شريك من العقد وبيع حصته في الملكية العائلية لباقي الشركاء، في حال عدم التزام الشريك بالوفاء بالتزاماته المنصوص عليها في هذا القانون والعقد، إضافة إلى تمثيل الملكية العائلية أمام الغير، والاستعانة بمن يراه مناسبا لمعاونته في إدارتها، بالإضافة إلى أي مهام أخرى يحددها عقد الملكية العائلية.
و على مدير الملكية العائلية أن يلتزم ببذل عناية الشخص الحريص للمحافظة عليها، ويجب عليه على وجه الخصوص: ألا يتملك أو يدير بشكل مباشر أو غير مباشر سواء لحساب نفسه أو لحساب الغير أي نشاط اقتصادي منافس للنشاط الاقتصادي الذي يتم مزاولته استنادا لعقد الملكية العائلية، إلا بموافقة الشركاء الذين يملكون ما نسبته 75% على الأقل من الملكية العائلية، وأن يقدم إلى الشركاء تقارير دورية عن إدارته للملكية العائلية، بما في ذلك الوضع المالي للمال المشترك، وألا يقترض باسمه الشخصي بضمانات الملكية العائلية، وألا يتصرف بالمال المشترك إلا في حدود ما نص عليه هذا القانون وعقد الملكية العائلية، بالإضافة إلى أي التزامات أخرى يتم تحديدها في عقد الملكية العائلية.
و نص القانون على أنه إذا تعدد المديرون، وكان هناك شرط في عقد الملكية العائلية أو في قرار تعيينهم، يقضي بأن يقوموا بأعمال الإدارة مجتمعين، فلا تكون قراراتهم صحيحة إلا بالإجماع، ما لم يتفق الشركاء على غير ذلك، ويستثنى من ذلك قيام أي من المديرين منفردا بأي عمل بصورة مستعجلة بهدف عدم إلحاق خسائر جسيمة بالملكية العائلية أو تفويت فائدة كبيرة على الشركاء، وإذا تعدد المديرون، وحدد لكل واحد منهم اختصاص معين، فلا يسأل أي مدير تجاه الشركاء أو الغير إلا في حدود الأعمال التي تدخل في نطاق اختصاصه، أما إذا تعدد المديرون، ولم يتضمن عقد الملكية العائلية أو قرار تعيينهم شرطا بأن يقوموا بأعمال الإدارة مجتمعين، فإنه يجوز لكل واحد منهم أن يقوم بأي عمل من أعمال الإدارة، ويكون عمله صحيحا ما لم يعترض أغلبية المديرين على هذا العمل قبل إتمامه، وفي حال تساوي الآراء، يتم عرض هذا الأمر على مجلس الإدارة أو الشركاء، بحسب الأحوال، للفصل فيه بشكل نهائي.
وحدد القانون آلية عزل المدير، وانتهاء وتفسير عقد الملكية العائلية، وآليات تسوية المنازعات، ومسؤولية الجهات الحكومية في إمارة دبي، التي أوجب القانون عليها اتخاذ الإجراءات اللازمة لوضعه موضع التطبيق، بما في ذلك تهيئة سجلاتها التجارية والعقارية والسندات المنظمة للملكية والتصرفات التي ترد عليها بما يتناسب مع الملكية العائلية المقررة بموجب أحكامه وبما لا يتعارض مع التشريعات السارية.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا