كتب: عبدالرحمن رشوان
يعاني قطاع الأسمنت من الخسائر أو على الأقل تراجع كبير في الأرباح خلال السنوات الأخيرة تحت ضغط من تخمة المعروض مقابل ضعف الطلب، حيث وصل الفارق بين القدرة الإنتاجية للمصانع والطلب الفعلي إلى 30 مليون طن سنويا من أصل أكثر من 80 مليون طن تستطيع المصانع إنتاجها في السنة.
وعلى الرغم من المشروعات المعمارية الضخمة التي تقوم بها الدولة إلا أن طلب المشروعات القومية مضافا إليها مشروعات الإسكان الفاخرة يتراوح بين 10 إلى 25% من حجم الطلب على الأسمنت، بينما يبلغ الطلب على الأسمنت من مشروعات الإسكان الصغيرة والمتوسطة بين 70 إلى 90% من الطلب الإجمالي، وفق بيانات شعبة منتجي الأسمنت.
وقال محلل بقطاع الأسمنت لـ”إيكونومي بلس”: “المشكلة الأساسية في زيادة المعروض”، حدث قبل ذلك انخفاض في أسعار الطاقة استغلته الشركات في خفض سعر البيع لدفع المبيعات وليس لتعظيم الأرباح.
من جانبها قالت مريم رمضان، محللة قطاع الأسمنت في شركة اتش سي لتداول الأوراق المالية لـ “إيكونومي بلس”: “أغلب الشركات تسجل خسائر تشغيلية”.
خسائر السويس للأسمنت تتفاقم في النصف الأول 2020
تعتبر شركة السويس للأسمنت أحد أكبر منتجي الأسمنت في مصر بطاقة إنتاجية سنوية تصل إلى 12 مليون طن في السنة.
وقفزت خسائر شركة السويس للأسمنت إلى 569.9 مليون جنيه في النصف الأول من العام الجاري مقارنة بـ260.8 مليون جنيه عن نفس الفترة من العام الماضي وبنسبة بلغت 118.5%.
جاءت الخسائر بعد أن انخفضت مبيعات الشركة إلى 2.7 مليار جنيه في الستة أشهر الأولى من العام الجاري، وبنسبة 18.2% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وفق القوائم المالية للشركة الصادرة اليوم الأحد.
وقالت الشركة في تقرير القوائم المالية إنها قامت بإعادة تقييم أصولها بسبب سوء أوضاع سوق الأسمنت في مصر، بالإضافة لآثار انتشار فيروس كورونا، ما نتج عنه اضمحلال في قيمة الآلات والمعدات بـ811 مليون جنيه لتبلغ قيمتها الاستردادية الإجمالية 1.3 مليار جنيه.
تأثرت نتائج الشركة أيضا بهبوط قيمة شهرة شركة أسمنت حلوان، المملوكة لها بنسبة 98.7%، بقيمة 273 مليون جنيه في الربع الثاني 2020، لتنخفض قيمة أصولها إلى 2.1 مليار جنيه.
19 شركة تتزاحم لإنتاج الأسمنت في مصر
أعلنت شركة السويس للأسمنت قبل عام إغلاق مصنع طرة بحلوان بسبب الخسائر التي طالته وسوء أوضاع القطاع.
يبلغ حجم الاستثمارات في قطاع الأسمنت المصري نحو 250 مليار جنيه ويعمل في مصر حاليا 19 شركة لإنتاج الأسمنت تصل قدرتهم الإنتاجية الكاملة إلى 81.2 مليون طن فيما تشير توقعات العام الحالي لاستهلاك 50 مليون طن فقط، بحسب بيانات شعبة منتجي الأسمنت، ما يعني زيادة المعروض في السوق ويضغط على الأسعار.
وتملك شركة السويس للأسمنت 9 خطوط لإنتاج الأسمنت وتصل طاقتها الإنتاجية القصوى إلى 12 مليون طن سنويا، وهي نفس القدرة الإنتاجية للشركة الوطنية للأسمنت بني سويف، التابعة لجهاز الخدمة الوطنية، والتي تملك 6 خطوط إنتاج.
أوضاع العام الحالي زادت الموقف سوءا
وترى مريم أن تراجع مبيعات الأسمنت هذا العام يعود لعدة عوامل، أولها أن مبيعات شركات الأسمنت شهدت تحسنا العام الماضي خلال شهري مارس وأبريل بعد خروج خطوط إنتاج نتيجة لتخمة المعروض في السوق ما دعم الأسعار، وهو ما لم يتكرر هذا العام وبالتالي انخفضت المبيعات عن العام الماضي.
وتابعت مريم أن الحملة الحكومية على البناء المخالف، بالإضافة لوقف عمليات البناء لمدة 6 أشهر أثرت أيضا على مبيعات الأسمنت خلال النصف الأول من العام الجاري.
وبالطبع حظر التجوال وانتشار فيروس كورونا أثرا بشكل ما أيضا على أحجام المبيعات، بحسب ما قالته مريم.
أزمة الفجوة بين العرض والطلب
يدور استهلاك مصر من الأسمنت حول 50 مليون للطن منذ عام 2010، بحسب بيانات غرفة صناعة الأسمنت، ما يعني أن أي زيادة في الإنتاج ستترجم لزيادة في المعروض ما سيضغط على الأسعار.
ارتفاع مصروفات الطاقة أحد العوائق أمام القطاع
تشكل تكلفة الطاقة 63% من تكاليف إنتاج الأسمنت، وتعمل المصانع حاليا بالفحم، المازوت، والطاقة الناتجة عن حرق المخلفات، بعد تخليها عن الغاز الطبيعي بهدف تقليل تكاليف الإنتاج.
وخفضت الحكومة أسعار الغاز للمصانع في أكتوبر الماضي إلى 5.5 دولار من 7 دولارات، كما خفضته مرة أخرى في شهر أبريل الماضي إلى 4.5 دولار للمليون وحدة حرارية، لكن أسعاره لاتزال مرتفعة مقارنة بالأسعار العالمية التي تدور حول 3 دولارات للمليون وحدة حرارية.
وقالت مريم رمضان، للعودة لاستخدام الغاز يجب أن تخفض الحكومة سعره لأقل من 3 دولارات مقارنة بـ4.5 دولار حاليا وهو ما أستبعده.
أضافت أن المصانع أنفقت استثمارات بالفعل للتحول للفحم، وهو يجعل العودة لاستخدام الغاز الطبيعي أمر مستبعد.
كيف تخرج شركات الأسمنت من دائرة الخسائر؟
قالت مريم: “لا يمكن الخروج من دائرة الخسائر إلا بتدخل الحكومة”، وأوضحت أن الفارق بين العرض والطلب كبير ولا يمكن حل الأمر من خلال زيادة الطلب.
أضافت مريم أن الحكومة يمكنها التدخل لوضع حصة إنتاجية لكل شركة أسمنت لا تتخطاها بالإضافة لتحديد حد أدنى لأسعار الأسمنت، وقالت: “أنا لا أرى حل آخر، تعافي الطلب أو خروج مصانع من السوق لم يعد مجديا”.
وتابعت مريم: “منذ فترة نقول أن المصانع ستبدأ في الخروج من السوق، لكن هذا يحدث ببطء بسبب قيام الشركات بوقف بعض خطوط الإنتاج، وبيع بعض الأصول غير الأساسية، والاقتراض للمحاولة في الاستمرار في العمل”.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا