أخبار

الرخص الجديدة للحديد.. هل تقود الصناعة لمصير نظيرتها بالأسمنت؟

الرخص الجديدة

كتب: سليم حسن

أعلنت هيئة التنمية الصناعية طرح 6 رخص جديدة لتصنيع منتجات الصلب، لكن تساءل عاملون بالقطاع تحدثوا لـ”ايكونومي بلس” عن الجدوى الاقتصادية من الطرح في ظل تشبع السوق المصري من منتجات حديد التسليح بالإضافة لطاقات فائضة متعطلة، ما قد يدفع صناعة الصلب في مصر للوضع السيء الذي تعاني منه صناعة الأسمنت.

إلى التفاصيل

تنوي هيئة التنمية الصناعية طرح كراسات الشروط الخاصة بـ6 رخص جديدة لتصنيع حديد التسليح على 3 مراحل، في الفترة بين7-18 نوفمبر الجاري، بدافع تعميق الصناعة المحلية وزيادة الطاقات الإنتاجية وتخفيض الواردات.

تساءل العاملون في صناعة الصلب، وخبراء اقتصاد، عن الجدوى الاقتصادية من الطرح، وسط حالة التشبع بصناعة حديد التسليح في مصر، وما إذا كانت ستعاني من الوضع نفسه لصناعة الأسمنت.

يمكن وصف السوق المحلية أنها تعاني حالة تشبع في إنتاج حديد التسليح، إذ يوجد بالمصانع مجتمعة حوالي 35% طاقات متعطلة.

حتى إذا استخدم الإنتاج الإضافي من الصلب في إعمار ليبيا والعراق، جاءت التعليقات بأنه لا يمكن إقامة استثمارات مخصصة لهذا الهدف.

هل تتدهور صناعة الحديد مثل الأسمنت؟

تُعاني صناعة الأسمنت حاليًا من فائض غير مستغل في الطاقات الإنتاجية، إذ تتخطى الطاقات التشغيلية حاجة 90 مليون طن سنويًا، لكن الاستهلاك الفعلي لا يتجاوز 55 مليون طن.

معاناة المصانع والخسائر التي تلحق بها سنويًا، دفعت مصانع الأسمنت إلى طلب رسمي من الحكومة يقضي بتخفيض الطاقات الإنتاجية للحد من الخسائر.

بالعفل، استجابت الدولة لرغبة المصانع وأعلن جهاز حماية المنافسة والممارسات الاحتكارية على طلب 23 شركة مصنعة للأسمنت، بتخفيض الطاقة الإنتاجية مؤقتًا ولمدة 12 شهرًا، بدأت مايو الماضي.

حدد الجهاز الخفض بناء على عمر المصانع، وعدد خطوط الإنتاج، وشمل القرار خفضا بحوالي 11%، مع إمكانية السماح بنزول إضافي بنسبة 2.81% من الطاقة الإنتاجية لكل خط إنتاج، واعتماد تخفيضات أخرى للمصانع الأقدم في السوق بنسبة 0.96%.

ما الدافع لطرح رخص حديد جديدة؟

يأتي طرح الرخص الجديدة في إطار استراتيجية وزارة الصناعة لزيادة الإنتاج من حديد التسليح وسد الفجوة الاستيرادية من منتجات الصلب المختلفة.

الطرح يضم 6 رخص 3 منها لإنتاج البليت من مصانع الصهر، وواحدة لإنتاج الحديد الإسفنجي، واثنتين لإنتاج مكورات الحديد.

تبلغ الطاقة الإنتاجية من رخص الصهر (بليت) 1.1 مليون طن لأول رخصتين، والثالثة بطاقة 200 ألف طن فقط، وتصل طاقة رخصة الحديد الإسفنجي إلى 2.5 مليون طن، في حين تصل طاقة الرخصة الواحدة في مكورات الحديد إلى 8 ملايين طن.

تنوى الهيئة منح الشركات التي ستضيف مراحل إنتاج ترفع من نسب التكامل خصمًا من قيمة الرخصة، تشجيعًا لزيادة نسب التكامل في مراحل الإنتاج المختلفة وزيادة نسب التصنيع المحلي، وسيتم إتاحة كراسات الشروط في الفترة بين 7-18 نوفمبر الجاري.

وفقًا لبيان الهيئة، تم طرح رخصتين لمرحلة المكورات والحديد الإسفنجي، نظرًا لعدم اكتمال العملية التصنيعية محليًا، وبهدف التوسع فيها.

4 تساؤلات تشغل بال المُصنعين

يدور في أذهان المصنعين حاليًا 4 تساؤلات تحتاج لإجابة، الأول عن الجدوى الاقتصادية من طرح الرخص، والثاني عن الرؤية الخاصة بتوفير عقود طويلة الأجل بأسعار مستقرة فيما يخص مدخلات الإنتاج، خاصة الغاز الطبيعي، والثالث عن حصص الإنتاج في الرخص، والأخير عن أسعار الرخص نفسها.

في الحقيقة، يأتي طرح رخص لإنتاج البليت من أفران الصهر خطوة إيجابية أكثر نحو تأهيل المصانع المستوردة للبليت، لكن مصر بالفعل لديها طاقات متعطلة عن العمل، وفقًا لرئيس شركة المراكبي للصلب، حسن المراكبي.

تملك مصر طاقات تشغيل بمصانع الحديد تقترب من 13 مليون طن، لكن في أفضل الأحوال، لا تنتج أكثر من 8 ملايين طن سنويًا هي إجمالي ما تستهلكه، ولا يتم تصدير حديد التسليح إطلاقًا.

كما أن الهيئة حددت طاقات بعينها للرخص الجديدة، فالرخص الخاصة بالصهر مثلًا تأتي على طاقتين 200 ألف طن و1.1 مليون طن.. “لكن ما العمل إذا رغب مستثمر في شراء رخصة لتصنيع 500 ألف طن فقط، كيف ستتعامل الهيئة مع ذلك؟ تسائل المراكبي.

السؤال الثالث عن سعر الحصول على الرخصة نفسه كعامل قوي في تحديد قرار الاستثمار من عدمه، فالأسعار المرتفعة قديمًا كان يقابلها مزايا مثل أسعار الطاقة الرخيصة، لكن حاليًا، ما المزايا التي ستقدمها الهيئة لتشجيع المستثمرين، قال المراكبي.

السؤال الأخير هو الأهم، ويخص رؤية الدولة حول مدخلات الإنتاج، خاصة على مستوى رخص تصنيع الحديد الإسفنجي من المكورات، إذ أن 50% من تكلفة تصنيعها تعتمد على الغاز الطبيعي، وفقًا لمصادر في القطاع.

طرح الرخص لتعميق الصناعة فكرة إيجابية، لتأهيل الصناعة المحلية إلى مستويات التنافسية العالمية، ما قد يمكنها من التصدير حال ضبط تكاليف الإنتاج المحلية، وفقًا لرئيس قطاع البحوث بشركة الأهلي فاروس القابضة، رضوى السويفي.

“تحتاج الدولة لوضع رؤية طويلة الأجل فيما يخص تكاليف الإنتاج، خاصة على مستوى أسعار الطاقة، وكذلك أسعار الخامات المستوردة” قالت السويفي.

رفعت مصر أسعار بيع الغاز الطبيعي للقطاع الصناعي بنحو 28% الأسبوع الماضي، لتصل إلى 5.75 دولارًا للمليون وحدة حرارية للصناعات كثيفة الاستهلاك، وإلى 4.75 دولارًا للقطاعات الأخرى، بحسب الجريدة الرسمية.

ترغب مصانع الحديد في طرح رخص للتوسعات منذ 2019، مع عدم وجود قيود على قوانين البناء، واستقرار أسعار الخامات عالميًا، بجانب استقرار أسعار الطاقة، الغاز بالتحديد، وفقًا للمدير التنفيذي لغرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، محمد حنفي.

“بالفعل تقدمت شركات عدة محلية وعربية بطلبات للهيئة، لكن لم يُصدر بشأنها أي قرارات، والوضع حاليًا تغير بسبب الارتفاعات العالمية في أسعار الخامات، وزيادة أسعار الغاز إلى جانب المتغيرات العالمية بسبب تداعيات جائحة فيروس كورونا” قال حنفي.

تابع: “المتغيرات لن تمنع تقدم المستثمرين للحصول على رخص، لكن لابد أن يكون هناك دراسة جدوى جيدة تتناسب مع تلك المتغيرات لتجنب الخسارة”.

تصنيع المكورات جاذب للاستثمار الأجنبي

للمرة الأولى، قد تدخل صناعة المكورات إلى مصر حال شراء أحد المستثمرين واحدة من الرخصتين التي أعلنت عنهما الهيئة، ويتم تصنيعها من الخام الأولى “أيرون اور” والمستخرج من المناجم.

“طرح رخص لتصنيع مكورات الحديد من الخام الأولى، أمر هام لمصانع الحديد خاصة الدورة المتكاملة، خاصة وأنه لا يوجد مصنع واحد في مصر يُصنّع المكورات”، قالت ريهان حمزة، محلل قطاع الصناعات بشركة العربي الأفريقي لتداول الأوراق المالية.

رخص المكورات قد تجذب استثمارات أجنبية، إذ ترتبط بعقود طويلة الأجل مع مناجم خام الحديد في الخارج، أوضحت حمزة.

يوجد في مصر نحو 27 مصنع لإنتاج حديد التسليح، 5 منها متكاملة ونصف متكاملة، الأولى تبدأ من مرحلة التصنيع من مكورات الحديد والثانية من الصهر، ويمثلون نحو 80% من قدرات الصناعة، بالإضافة إلى 22 مصنع يعملون على المرحلة الأخيرة فقط وهي “الدرفلة”، ويمثلون بين 15-20% من قدرات الصناعة.

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

تمويل ميسر من مؤسسة التمويل الدولية لـ”أوراسكوم للتنمية مصر” بقيمة 157 مليون دولار

وقعت مؤسسة التمويل الدولية اتفاقية مع ”شركة أوراسكوم للتنمية مصر”،...

منطقة إعلانية