عبد الرحمن الشويخ
خسارة مصر من الغياب عن مونديال قطر 2022، ليس فقط مجرد غياب فني عن المشهد الكروي الأكبر في العالم، لكن آثاره تمتد اقتصاديا، ويؤثر مالياً على الكرة المصرية بشكل واضح، بخلاف التِأثير الدعائي للبلاد الذي لا يقدر بمال، فكل وسائل الإعلام في العالم تنقل الحدث وتسلط الضوء على المنتخبات المشاركة، وتقدم معلومات عن تاريخها وجغرافيتها وخلفياتها الثقافية.
10.5 مليون دولار نظير المشاركة
غياب منتخب مصر عن مونديال قطر 2022، حرمه من الحصول مباشرة على مبلغ 10.5 مليون دولار (258مليون جنيه تقريباً)، هذا المبلغ مقسم إلى مليون ونصف المليون دولار تحصل عليها المنتخبات نظير الاستعداد للبطولة وهو البند الذي رصد له الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” 48 مليون دولار، بالاضافة إلى 9 ملايين دولار تحصل عليها جميع المنتخبات المشاركة في البطولة.
ترتفع قيمة الجوائز المالية لتصل إلى 13 مليون دولار للمنتخبات المتأهلة لدور ال16 في كأس العالم 2022، وتزيد 4 ملايين دولار جديدة حال بلوغ دور الثمانية، أما تحقيق المركز الرابع فيمنح صاحبه 25 مليون دولار، تزيد ثلاثة ملايين دولار للفريق الفائز بالمركز الثالث، فحين يحصل الوصيف على 30 مليون دولار، بينما تبلغ جائزة البطل 42 مليون دولار.
بخلاف المبلغ المضمون من التأهل الذي يمنحه “فيفا” للمنتخبات، هناك عوائد تجارية وتسويقية آخرى، من الرعاة المحليين التابعين للاتحاد، وهو عائد كبير يمكن تحقيقه، بالاضافة للمكافآت الخاصة بالتأهل التي تلتزم شركات الملابس الرياضية بدفعها للمنتخبات حال تحقيق انجاز التأهل، وهو ما يعني أن إنجاز التأهل للمنتخب كان من الممكن أن يضيف للاتحاد ما بين 300 إلى 350 مليون جنيه على الأقل.
180 ألف دولار تعويض عن كل لاعب مضمونة للأندية
الأندية هي الآخرى خسارتها كبيرة من الغياب عن البطولة، الأهلي والزمالك سيجنيان عوائد نظير مشاركة سيف الدين الجزيري وعلي معلول مع منتخب تونس، وتعويض جزئي عن وجود بدر بانون في قائمة المغرب بحكم انتقاله قبل وقت قريب من الأهلي لقطر القطري.
“فيفا” أعلن عن برنامج مزايا الأندية والذي يمنح الأندية تعويض عن مشاركة اللاعب في كأس العالم، بقيمة 10 آلاف دولار في اليوم الواحد، بإجمالي 180 ألف دولار عن التواجد في الدور الأول وهو المبلغ المضمون لكل الأندية، ويزيد إلى 220 ألفاً حال التأهل لدور الـ16، ويقفز إلى 280 ألف دولار حال التأهل لدور الثمانية، ويزيد بنحو 40 ألف دولار حال التأهل لنصف النهائي، أما بلوغ المباراة النهائية فيعني حصول النادي على 370 ألف دولار عن كل لاعب.
بالنظر لقائمة مباراة مصر أمام بلجيكا الودية، نستشف منها أن المدرب البرتغالي روي فيتوريا يضع في حسباته 7 لاعبين محترفين، هم محمد صلاح ومحمد النني ومحمود حسن “تريزيجيه” ومصطفى محمد وعمر مرموش وأحمد حجازي وطارق حامد، والأخير منتقل حديثا من الزمالك أي أن فريقه كان سيستفيد من التعويض الخاص به.
19 لاعباً محلياً كانوا سيتواجدون في القائمة تقريباً، وهو ما يعني أن الأندية المصرية كان من الممكن أن تنتعش خزائنها 3.5 مليون دولار تقريبا (86 مليون جنيه تقريبا)، وهو ما يعني أن اتحاد الكرة والأندية كان من الممكن بكل سهولة أن تصل عوائدهما من المشاركة في البطولة 400 مليون جنيه على الأقل.
الأندية المصرية حصدت من برنامج مزايا الأندية في كأس العالم 2018 بروسيا 2.712 مليون دولار، ذهب النصيب الأكبر منها للأهلي الذي نال 1.745 مليون دولار، وحصل الزمالك على 796 ألف دولار، ونال سموحة 95 ألف دولار، و 76.5 ألف دولار لخزانة وادي دجلة.
220 مليار دولار تكلفة قطر لاستضافة المونديال
سجلت قطر رقماً قياسياً في تكاليف استضافة المونديال ، فمع خروج تصريحات من ناصر الخاطر المدير التنفيذي لكأس العالم 2022، بأن التكلفة الخاصة بالبطولة بلغت 8 مليارات دولار، خرجت تقارير تؤكد أن التكلفة وصلت نحو 220مليار دولار، وهو ما لم يتم نفيه، لكن خرجت توضيحات بأن هذا الرقم يشمل كافة البنى التحتية في البلاد التي تم تجهيزها لاستضافة الحدث، مثل إنشاء شبكة مترو الأنفاق، وتجهيز الطرق وبناء أكثر من 100 فندق ومنتجع سياحي.
هذا الرقم يزيد بمعدل 1800% عن تكلفة روسيا لاستضافة مونديال 2018 التي بلغت نحو 11.6 مليار دولار، وهو رقم أقل مما أنفقته البرازيل في مونديال 2014 والذي قدر بنحو 15 مليار دولار، بحسب تقرير”مونديال الشرق المالي” الصادر عن اقتصاد الشرق مع بلومبرج.
جنوب أفريقيا كانت صاحبة التكلفة الأقل من حيث استضافة البطولة منذ بداية الألفية الجديدة، إذ بلغت تكاليف استضافتها لمونديال 2010 حوالي 3.6 مليار دولار فقط، وهو الرقم الأقل بنحو 16 % مما انفقته ألمانيا لاستضافة كأس العالم 2006، والذي قدر بنحو 4.3 مليار دولار، فيما كانت تكلفة كوريا الجنوبية واليابان على استضافة مونديال 2002 حوالي 7 مليارات دولار.
رصد الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” ميزانية بلغت مليار و 696 مليون دولار لبطولة كأس العالم 2022 بقطر، وتنوعت المخصصات ما بين 440 مليون دولار للجوائز المالية، و322 مليوناً للمصروفات التشغيلية، و247 مليوناً للنقل التلفزيوني، و209 مليوناً لبرنامج عوائد الأندية، و478 مليون دولار لمصروفات آخرى مثل التذاكر والضيافة وغيرها.
وتعد هذه المخصصات المالية أقل من النسختين السابقتين، فمونديال 2018 بروسيا خصص له مليار و924 مليون دولار، لكنه أنفق أقل منها بنحو 100 مليون دولار.
وكانت الميزانية الأكبر للفيفا في إنفاقه على كأس العالم 2014 بالبرازيل، بنحو مليارين و223 مليون دولار، وهو أقل بقليل من ضعف ميزانية مونديال جنوب أفريقيا 2010 التي مليار و298 مليون دولار، فيما كانت مخصصات الفيفا لكأس العالم في ألمانيا 2006 حوالي 881 مليون دولار.
يعد كأس العالم مصدر الدخل الأكبر للاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، فهو يجني من البطولة عوائد كبيرة، فبحسب مسؤول بالفيفا ، فإن العوائد المتوقعة لمونديال قطر 2022 ربما تصل إلى نحو 6.4 مليار دولار.
وبلغت عائدات الفيفا التي يحققها من بيع الحقوق التلفزيونية والحقوق التجارية والتراخيص ورسوم الاستضافة والتذاكر في مونديال روسيا 2018 نحو 5.2 مليار دولار، بزيادة حوالي 400 مليون دولار عن البطولة التي جرت في البرازيل عام 2014.
الطفرة الكبيرة للفيفا من عائدات كأس العالم، كانت في مونديال جنوب أفريقيا 2010، بعدما بلغت العوائد 4.2 مليار دولار، وهو الرقم الذي يزيد بنحو 61% عما تحقق من عوائد في مونديال ألمانيا 2006، التي بلغ فيها دخل الفيفا نحو 2.6 مليار يورو بزيادة تصل إلى مليار يورو عن عوائد مونديال كوريا الجنوبية واليابان 2002 التي وصلت إلى 1.6 مليار يورو.
تطمح قطر لتحقيق أعلى عوائد في تاريخ المونديال، إذ صرح ناصر الخاطر المدير التنفيذي لبطولة كأس العالم 2022، أن بلاده تستهدف تحقيق 17 مليار دولار من البطولة، وهو الرقم الذي لم تحصده أي دولة استضافت البطولة من قبل.
ويبقى تحقيق الدول المستضيفة للعوائد من البطولات أمر نسبي، وتظل مصادره تصريحات رسمية لمسؤولين بالدول المستضيفة أو دراسات بحثية، فعلى سبيل المثال أليكسي سوروكين، رئيس اللجنة العليا الروسية المنظمة لمونديال 2018، قال إن تأثير كأس العالم على الناتج المحلي الإجمالي الروسي بين عامي 2013 و2018 كان 952 مليار روبل (14.5 مليار دولار) وكان هذا يعادل 1.1 % من الناتج المحلي الإجمالي.
وعاد مونديال 2014 على الاقتصاد البرازيلي بنحو 13.4 مليار دولار، فيما كانت عوائد جنوب أفريقيا من تنظيم كأس العالم 2010 نحو 5.6 مليار دولار، وهو رقم أقل بقليل ما حققته ألمانيا التي كانت عوائدها من تنظيم كأس العالم 2006 نحو ما يزيد عن 14 مليار دولار، وكذا مونديال 2002 بكوريا الجنوبية واليابان الذي بلغت عوائده على اقتصاد البلدين بلغ 11.8 مليار دولار.
مع دخول المنافسات الرياضية عالم الحصرية والتشفير في بداية الألفية، بات بيع حقوق النقل التلفزيوني يمثل أعلى مصادر دخل الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” من بطولة كأس العالم، وهو الأمر الذي تكشف عنه الأرقام.
مونديال كوريا الجنوبية واليابان 2002 حقق الفيفا من بيع حقوقه التلفزيونية 991 مليون دولار، وهو الرقم الذي حقق معدل نمو يصل إلى 31% في مونديال 2006 بألمانيا بعائد بلغ 1.3 مليار دولار، وكانت الطفرة الكبيرة في مونديال 2010 بجنوب أفريقيا الذي قفزت عوائده التلفزيونية بنسبة 85% ليحقق 2.408 مليار دولار.
وتواصل هذا النمو في عوائد الدخل التلفزيوني ليصل إلى 2.484 مليار دولار في مونديال البرازيل 2014، وكان الرقم الأعلى في روسيا 2018 بنحو 2.760 مليار دولار.
440 مليون دولار جوائز مالية
الجوائز المالية في البطولة، رصد لها “فيفا” 440 مليون دولار، بزيادة 40 مليون دولار عن النسخة السابقة في روسيا، وقفزت جائزة البطل من 38 مليون دولار لتصل إلى 42 مليوناً، وهي تزيد بنسبة 110% عن مونديال ألمانيا 2006 التي حصلت إيطاليا فيها على 20 مليون دولار.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا