واصلت أسعار الذهب بالأسواق المحلية موجة الارتفاع فى تعاملات اليوم تزامنا مع ارتفاع، الأوقية بالبورصة العالمية، بفعل تزايد الطلب على الملاذ الآمن، وسط تصاعد الصرع في منطقة الشرق الأوسط، بجانب دورات التيسير النقدي التي بدأتها البنوك المركزية مؤخرًا.
وارتفعت أسعار الذهب بالبورصة العالمية اليوم إلى 2748.15 دولار للأوقية.
وبلغت مكاسب الذهب نحو 32% منذ بداية العام الجاري، وسط تصاعد الصراع في منطقة الشرق الأوسط، وتحركات بنك الشعب الصيني لتخفيف شروط الائتمان بشكل أكبر من خلال خفض أسعار الفائدة مع توقعات بمواصلة ارتفاع أسعار الذهب، مع إنهاء البنوك المركزية لدورة التشديد النقدي، والتوجه لخفض أسعار الفائدة، بشكل أكثر حدة.
سيؤدي خفض بنك الشعب الصيني لأسعار الفائدة على القروض الأساسية لمدة عام وخمسة أعوام، إلى زيادة جاذبية الذهب، وزيادة الطلب من المستثمرين الصينيين، الذين يشكلون أكبر سوق للسلعة في العالم.
وارتفعت أسعار الذهب مع تصاعد التوترات في منطقة الشرق الأوسط، وتكثيف قوات الكيان المحتل قصفها لبيروت، بجانب الاستعداد لشن هجوم انتقامي على إيران بعد استهداف منزل نتنياهو.
ارتفاعات غير مبررة
يرى محمد العريان، الخبير الاقتصادى العالمى، أن ارتفاع سعر الذهب مؤخرا يعد “تطوراً غريباً”، إذ حطّم أرقاماً قياسية متتالية، متجاوزاً تأثير العوامل التقليدية التي كانت تؤثر فيه تاريخياً، مثل أسعار الفائدة والتضخم والدولار.
وأشار العريان إلى أن الأمر الأكثر غرابة هو أن ارتفاع الذهب بشكل مستمر يتناقض مع التقلبات في الأوضاع الجيوسياسية.
وجهة نظر العريان تتلخق في أن تحركات الذهب في الفترة الأخيرة تعكس ظاهرة أوسع تتخذ زخماً طويل الأمد ومع ترسخ هذه الظاهرة، قد تؤدي إلى تفكيك النظام العالمي وتراجع النفوذ الدولي للدولار والنظام المالي الأمريكي وسيؤثر ذلك على قدرة الولايات المتحدة على حماية أمنها القومي.
وقال العريان إن خاصية الذهب كـ”أصل لكل الظروف” تشير إلى شيء يتجاوز حدود الاقتصاد والسياسة والتطورات الجيوسياسية قصيرة الأمد، وهذا الارتفاع يعكس توجهاً سلوكياً متزايداً من جانب الصين ودول “القوى المتوسطة” وغيرها من الدول، وهو اتجاه ينبغي على الغرب أن يوليه اهتماماً أكبر.
ذكر أنه خلال الأشهر الـ12 شهرا الماضية، ارتفع سعر أونصة الذهب في الأسواق العالمية من 1947 دولاراً إلى 2715 دولاراً، أي ما يعادل زيادة تقارب 40% وجاء هذا الارتفاع رغم التغيرات الكبيرة في توقعات السياسات النقدية، وتقلب عوائد السندات الأمريكية، وانخفاض التضخم، واضطراب أسعار الصرف.
قد يميل البعض إلى تفسير أداء الذهب كجزء من ارتفاع عام في أسعار الأصول، مثل المكاسب التي حققها مؤشر S&P الأمريكي بنسبة 35% خلال العام الماضي ولكن هذه العلاقة غير معتادة وقد يعزو آخرون الارتفاع إلى مخاطر الصراعات العسكرية، التي أودت بحياة المدنيين ودمّرت البنية التحتية ومع ذلك، لكن العريان يرى أن هناك عوامل أعمق تقف وراء هذا الارتفاع.
لفت العريان إلى أن المشتريات المستمرة من البنوك المركزية الأجنبية ساهمت بشكل كبير في دعم قوة الذهب ولا يبدو أن هذه المشتريات مدفوعة فقط برغبة الدول في تنويع احتياطياتها بعيداً عن الهيمنة الكبيرة للدولار، على الرغم من تفوق الاقتصاد الأمريكي بل هناك أيضاً اهتمام متزايد باستكشاف بدائل لنظام المدفوعات القائم على الدولار، والذي كان ركيزة النظام المالي الدولي لأكثر من 80 عاماً.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا