شجعت الأسعار القياسية للسلع الأساسية وأسعار الفائدة العالمية المنخفضة، الدول الأفريقية على الاقتراض كما فعلت فى تسعينات القرن الماضى، ولكن البعض الآن يكافح من أجل سداد تلك الديون، فى ظل تباطؤ إيراداته ونموه الاقتصادى.
قالت وكالة أنباء «بلومبرج»، إن الديون الحكومية تضاعفت كنسبة مئوية من الناتج المحلى الإجمالى، فى منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى خلال العقد الماضى، لتعود إلى المستوى الذى وصلت إليه عام 2000.
وذكرت مديرة صندوق النقد الدولى، كريستالينا جورجييفا، فى نوفمبر الماضى، إن ارتفاع مستويات الديون بهذا الشكل يثير القلق.
وأوضح صندوق النقد الدولى، أن 20 دولة، من بين 54 دولة فى القارة السمراء، تقترب أو تعانى بالفعل من مستويات مأساوية من الديون، مما يعنى إمكانية مواجهة تلك الدول صعوبات فى الوفاء بالتزاماتها، واستطاعت الحكومات الأفريقية جمع ما يقرب من 26 مليار دولار فى الأسواق العالمية عام 2019، مقارنة بما يقرب من 30 مليار دولار عام 2018، مستفيدة من تعطش المستثمرين لتحقيق عوائد فى عالم ملىء بالعوائد السلبية.
وأشارت «بلومبرج» إلى أن العملات المتقلبة فى جميع أنحاء القارة، تزيد من مخاطر الاقتراض بالعملة اﻷجنبية، وقد يؤدى ارتفاع تكلفة خدمة الديون إلى خفض النفقات الأخرى فى منطقة تضم أكثر من نصف فقراء العالم.
وقالت مديرة قسم التمويل المستدام فى معهد التمويل الدولى، سونيا جيبس، عبر مكالمة هاتفية، إن القارة أكثر عرضة بكثير لأزمات الديون، فمهما كانت اﻷسباب الكامنة خلف الأزمة التالية، إلا أنه عند حدوثها، من المحتمل أن تشهد درجة عالية من خطر عدوى المشاكل، لأن المستثمرين ينتقلون إلى الأصول ذات العوائد المرتفعة، ومع ذلك، لاتزال القارة السمراء أبعد ما تكون عن أزمة الديون، كما تقول أكبر جهة مقرضة متعددة الأطراف.
وقال رئيس بنك التنمية الأفريقي، أكينومومى أديسينا، فى مقابلة أجريت معه، إن بعض الدول ترتفع لديها نسب الديون إلى الناتج المحلى الإجمالى بشكل كبير، وهذا هو ما يثير القلق، ولكن بشكل عام لاتزال نسبة الدين اﻷفريقى إلى الناتج المحلى الإجمالى تقع ضمن الحدود المقبولة.
وأوضحت «بلومبرج”، أن زيادة الاعتماد على السندات التجارية، تسبب فى ارتفاع تكاليف الخدمات، مما أدى إلى تحويل الأموال التى يمكن إنفاقها على الطرق أو المدارس الجديدة.
فعلى سبيل المثال، تنفق نيجيريا، أكبر منتج للبترول فى القارة، مبلغ سنوى على سداد الديون يعادل ما تنفقه على البنية التحتية.
وترتفع مستويات الديون لدى دول منها جنوب أفريقيا، أكثر الاقتصادات تصنيعا فى القارة، فجنوب أفريقيا قامت خلال العام الحالى بأكبر طرح لسندات اليورو حتى الآن للمساعدة فى سد العجز المتزايد فى الموازنة، فى ظل تباطؤ النمو الاقتصادى وأجور القطاع العام.
ووفقاً للبيانات التى جمعتها حملة «جوبيلى للديون» ومقرها المملكة المتحدة، تبلغ مدفوعات الديون الخارجية الآن حوالى %13 فى المتوسط من إيرادات الحكومات الأفريقية، بعد أن كانت %4.7 عام 2010.
وأدى الإفراط فى الإنفاق وانهيار أسعار السلع الأساسية فى التسعينيات إلى أزمة ديون دفعت المقرضين متعددى الأطراف والدول الغنية، إلى شطب التزامات عشرات الدول الأفريقية عام 2005، ولكن هذه المرة ربما لا يكون العفو عن سداد الديون أمر بهذه السهولة، فهيكل الديون المعقدة بشروط مبهمة ومزيج من الدائنين المختلفين سيجعل أى اتفاق محتمل لإعادة الهيكلة، أكثر صعوبة.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا