المشاكل تطال دول «إيكواس» بسبب اعتماد صادراتها على السوق النيجيرى
يتوقع صندوق النقد الدولى انخفاض الدخل الحقيقى للفرد فى نيجيريا بشكل سنوى حتى عام 2023 على الأقل، وهى أزمة ربما تكون مؤلمة بالنسبة لبلد يبلغ نصيب الفرد فيه 1.994 دولار فقط من إجمالى الناتج المحلى.
وأوضحت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أنه إذا تحقق ذلك، فإن أكبر بلاد أفريقيا من حيث الكثافة السكانية – يتوقع وصول عدد سكانها إلى 400 مليون نسمة بحلول عام 2050 – سيعانى على الأقل من 8 أعوام متتالية من انخفاض دخل الفرد.
وقال جون آشبورن، الاقتصادى فى أفريقيا لدى شركة «كابيتال إيكونوميكس» الاستشارية: «إذا كان صندوق النقد على حق، فمن الواضح أنه سيكون أمرا مروعا ونتيجة محبطة للغاية».
وأضاف أن نيجيريا تتمتع بكثافة سكانية سريعة النمو، فإذا لم تكن قادرة على تنويع اقتصادها بشكل أسرع مما كانت عليه من قبل، فإن عدداً كبيراً من هؤلاء الناس سينتهى بهم المطاف فى العمل فى حرفة الزراعة أو فى وظائف الخدمات ذات المهارات المنخفضة.
وسجلت نيجيريا نمواً فى إجمالى الناتج المحلى بنسبة %0.8 العام الماضى، حيث انسحبت من الركود المدفوع بهبوط أسعار البترول وتراجع إنتاج النفط والغاز بسبب التمرد فى دلتا النيجر.
وقال أمين ماتى، رئيس بعثة صندوق النقد الدولى فى نيجيريا، إنه فى الوقت الذى يتوقع فيه ارتفاع النمو على نطاق واسع خلال العام الجارى فى ظل انتعاش أسعار البترول والإنتاج ونمو سكانى سنوى نسبته %2.6، سيكون هناك حاجة لتنفيذ عاجل لمجموعة سياسات شاملة حتى يتفوق النمو الاقتصادى الحقيقى على النمو السكاني، مما قد يتيح زيادة الدخل الحقيقى لكل فرد، وقد يؤدى أيضاً إلى تخفيض الفقر وخلق فرص العمل.
ومن وجهة نظر صندوق النقد، تتمثل أحد المشاكل الأساسية التى تعيق نيجيريا فى الافتقار المزمن للتنويع الاقتصادى، وفقاً لمعايير المصدرين الرئيسيين للسلع الأساسية.
واستناداً إلى مؤشر يحتفظ به مرصد التعقيد الاقتصادي، وهو عبارة عن منصة يديرها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، سجل تنوع وتطور الصادرات النيجيرية ثانى أدنى مستوى ضمن 139 دولة، متقدماً بشكل هامشى على غينيا بيساو، ولكنه يقع خلف بقية الدول المصدرة للبترول، مثل أنجولا والعراق والسعودية، والدول الفقيرة للغاية أيضاً مثل أفغانستان وبوركينا فاسو وتشاد.
وفى خطوة إصلاحية، أطلقت حكومة الرئيس النيجيرى الحالى محمد بوهارى خطة للانتعاش الاقتصادى والنمو فى العام الماضي، والتى قال عنها صندوق النقد إنها أسفرت عن خطوات كبيرة فى تعزيز بيئة الأعمال وتحسين الحوكمة، ومع ذلك لم تعزز تلك الخطة بعد النشاط غير البترولى وغير الزراعى، ولا وضعت التضخم الذى يبلغ حالياً %12.5 فى نطاق قريب من المستهدف ولا تضمنت معالجة نقاط ضعف القطاع المصرفى ولا خفضت معدلات البطالة.
وبدلا من ذلك، تسبب ارتفاع العجز المالى الناتج عن ضعف الإيرادات الحكومية – ما يعادل %5.7 فقط من إجمالى الناتج المحلى للعام الماضى وهو أحد أدنى المستويات فى العالم- بجانب ظروف التمويل المحلية المتشددة، فى رفع عائدات السندات ونقص الائتمان للقطاع الخاص.
وقال صندوق النقد، إنه بينما تدعم أسعار البترول المرتفعة النمو قريب اﻷمد، دون تغيير فى الاتجاه، ستظل مستويات الفقر مرتفعة وسيستمر إجمالى الناتج المحلى للفرد فى الانخفاض على المدى المتوسط.
وحتى فى ظل الانتعاش قصير الأجل، يتوقع صندوق النقد الدولى وصول نمو إجمالى الناتج المحلى إلى ذروته عند %2.1 فقط فى العام الجاري، ويتوقع أيضاً أرقاماً أضعف هامشياً بشكل سنوى حتى عام 2023.
ومن المتوقع أن يسجل إجمالى الناتج المحلى غير البترولى وغير الزراعي- المحرك الرئيسى للعمالة- نموا أضعف، ليبقى أقل من %1 حتى عام 2020، ومن ثم سيرتفع إلى %1.5.
ومن المرجح أيضاً أن ينتشر الألم الاقتصادى للنمو السلبى لفترات طويلة إلى الدول المجاورة لنيجيريا، حيث يلاحظ صندوق النقد أن البلد يستوعب حوالى %70 من صادرات الأعضاء الـ 14 الآخرين فى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «إكواس».
ودعا الصندوق نيجيريا إلى إطلاق سلسلة من الإجراءات السياسية الشاملة والمتسقة على سبيل الأولوية لتحويل ثرواتها، ومن بينها سياسة مالية صديقة للنمو تركز على زيادة الإيرادات الحكومية غير البترولية لدعم الإنفاق الرأسمالى وشبكة الأمان الاجتماعى والحفاظ على سياسة نقدية متشددة وإزالة التشوهات التى يعانى منها سوق الصرف الأجنبي، الذى يتميز حاليا بسعر صرف رسمى يبلغ 305 نيرة مقابل الدولار بجانب سوق سوداء يصل فيها سعر الدولار إلى 365 نيرة، وتلجأ إليه العديد من الشركات للوصول إلى الدولار.
وأضافت الصحيفة أن هناك حاجة أيضا إلى إصلاحات هيكلية لتحسين بيئة الأعمال التجارية وزيادة إنتاج الكهرباء.
ووفقا لسيناريو الإصلاح الاقتصادي، يقدر صندوق النقد الدولى وصول نمو إجمالى الناتج المحلى إلى %4 بحلول عام 2020، ومن ثم سيتسارع إلى 5.2% بحلول عام 2022.
ويبدو أن هناك آخرين يشاركون صندوق النقد تشاؤمه، فقد قال أوليفر بيل، مدير المحافظ لدى مجموعة «تى رو برايس» الأمريكية لإدارة الأصول، إن نيجيريا اقتصادا تظل ثروته مرتبطه بسعر البترول، وهذا لن يتغير إلى أن تتخذ إصلاحات ذات مغزى، وهو أمر لا يزال بعيد المنال بشكل يُشعر بالإحباط.
لكن عددا آخر من المحللين أكثر إيجابية من صندوق النقد، ولكن هناك فلسفة واحدة تقول أن الصندوق يتعمد إبداء توقعات قاتمة لحث حكومة نيجيريا على العمل.
وقال آشبورن إنه إذا تحققت توقعات صندوق النقد المتشائمة، فإنها لن تكون غير مسبوقة، فأجزاء كثيرة من جنوب الصحراء الكبرى فى أفريقيا عانت من انخفاض نصيب الفرد من إجمالى الناتج المحلى فى السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، قبل انتعاش النمو، بمساعدة انطلاق الدورة الكبرى للسلع الأساسية العالمية.
وأوضح تشارلز روبرتسون، كبير الاقتصاديين لدى بنك الاستثمار العالمى «رينيسانس كابيتال»، أن الوضع فى نيجيريا فى الثمانينيات كان مروعا، حيث انخفض نصيب الفرد من الدخل بنسبة 10% فى ثلاثة أعوام منفصلة، ولكن لا يرجح أن تتشابه الفترة المقبلة مع هذه الفترة السيئة، وربما يكون ذلك عزاء بسيط لأولئك الذين يعيشون بالفعل فى فقر.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا