لم يمر إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين موافقة بلاده على لقاح لفيروس كورونا، مرور الكرام ،وتعرض لانتقادات قوية، بدعوى عدم ضمان أمانه على البشر، فيما أرجعت موسكو الهجوم الغربي إلى المنافسة الدولية على الفوز بقصبة سبق اللقاح المنقذ للبشرية.
وأعلن بوتين الموافقة على لقاح لفيروس كورونا بعد أقل من شهرين على اختباره على البشر، وقبل البدء في مرحلة الاختبار السريري الثالثة، ليؤثر الإعلان الروسي بشكل واضح على الأسواق العالمية في ظل ترقب العالم لعلاج للفيروس الذي أصاب أكثر من 20 مليون شخص إلى الآن وأودى بحياة نحو 740 ألف منهم.
وما زال يتعين إتمام التجارب النهائية على اللقاح الروسي، الأمر الذي أثار مخاوف بعض الخبراء بخصوص التسرع في اعتماده، لكن مجموعة سيستيما الروسية قالت إنها تتوقع بدء إنتاج اللقاح على نطاق واسع بحلول نهاية العام.
هل يكون اللقاح الروسي الحل الناجع؟
يرى أنتوني فوتشي، مدير المعهد الوطني للأوبئة والأمراض المعدية الأمريكي، إن روسيا تخوض مخاطرة قد تتسبب في إيذاء العديد من البشر بالتسرع في اعتماد لقاح لمعالجة مرضى كورونا، وقال “لدينا 6 لقاحات لكورونا يمكن طرحهم، لكن يجب التمهل لضمان فعالية تلك اللقاحات وعدم إضرارها بصحة البشر”.
وقال الرئيس الروسي إن إحدى بناته تناولت بالفعل اللقاح الذي تم تطويره في روسيا، كما قال رئيس صندوق الثروة السيادي الروسي، كيريل دميترييف، إن بلاده تلقت طلبات خارجية بمليار جرعة، ومن المنتظر أن تبدأ التجارب السريرية في الإمارات والفلبين قريبا.
هل اللقاح الروسي هو أول لقاح؟
يقوم الباحثون في جميع أنحاء العالم بتطوير أكثر من 165 لقاحا ضد فيروس كورونا في الوقت الحالي، 30 لقاحا منهم يتم القيام بالتجارب البشرية عليها حاليا، وفي العادة تتطلب اللقاحات سنوات من البحث والاختبار قبل الوصول إلى الناس، لكن العلماء يتسابقون لإنتاج لقاح آمن وفعال بحلول العام المقبل.
ما هي مراحل اختبار اللقاحات؟
تمر اللقاحات بأربعة مراحل من الاختبارات قبل وصولها للعيادات، أولهم اختبار على الحيوانات والثلاثة التالية اختبارات على البشر.
وبحسب موقع نيويورك تايمز، يعطي العلماء في البداية اللقاحات لحيوانات مثل الفئران أو القرود لمعرفة ما إذا كانت هناك استجابة مناعية له أن لا.
بعد ذلك تنتقل الاختبارات للبشر، والمرحلة الأولى من الاختبارات البشرية يتم فيها إعطاء اللقاح لعدد صغير من البشر لاختبار سلامته وجرعته والتأكد من تحفيزه لجهاز المناعة.
المرحلة الثانية، تقديم اللقاح لبضع مئات من البشر وتقسيمهم لمجموعات، مثلا أطفال وكبار سن، لمعرفة إذا ما كان يعمل بشكل مختلف عليهم، وتختبر هذه التجارب أيضا سلامة اللقاح وقدرته على تحفيز المناعة.
المرحلة الثالثة، وهي المرحلة التي لم يمر بها اللقاح الروسي بعد، يقدم اللقاح لآلاف الأشخاص وإظهار مدى فاعليته، كما تعد تجارب المرحلة الثالثة كبيرة بما يكفي للكشف عن الآثار الجانبية للقاح.
من المفترض أن توافق الجهات الرسمية على اللقاح بعد المرحلة الثالثة، حيث يتخذ المنظمون قرارهم بناء على نتائج المراحل الثلاثة من الاختبارات على البشر، ومن الممكن استخدام اللقاح في حالات الطوارئ قبل الحصول على الموافقة الرسمية، وبمجرد ترخيص اللقاح يواصل الباحثون مراقبة الأشخاص الذين يتلقوه للتأكد من أمانه وفاعليته.
يمكن أيضا دمج بعض الخطوات السابقة لتسريع إنتاج اللقاح، مثل دمج المرحلة الأولى مع الثانية وهو ما يعرف حاليا بالمرحلة 1/2، ويتم فيها اختبار اللقاح على مئات الأشخاص في المرة الأولى.
لقاحات أخرى أثبتت فاعليتها بخلاف اللقاح الروسي
اللقاح الروسي ليس وحيدا، حيث توصلت شركة Moderna الأمريكية للقاح تحت اسم mRNA وبدأت في المرحلة الثالثة من الاختبارات في 27 يوليو الماضي، بحسب صحفية نيويورك تايمز.
تعمل أيضا شركتين على نفس اللقاح، وهما فايزر الأمريكية، و BioNTech الألمانية وأتمت الشركتين اختبارات 1/2 المعجلة في الولايات المتحدة وألمانيا، ويجري حاليا اختبارات المرحلة 2/3 في الولايات المتحدة، الأرجنتين، البرازيل، ألمانيا، وبلدان أخرى.
وطلبت إدارة ترامب 100 مليون جرعة من هذا اللقاح بقيمة 1.9 مليار دولار، كما أبرمت اليابان عقدا بـ120 مليون جرعة، فيما تتوقع شركة فايزر تصنيع 1.3 مليار جرعة بحلول نهاية 2021.
هناك أيضا اللقاح الذي أعلن عنه رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، في 20 يوليو الماضي، وطورته شركة أسترازينيكا (شركة إنجليزية-سويدية) جامعة أكسفورد البريطانية، والذي يجري اختباره حاليا في المرحلة 2/3.
وبشكل عام فإن التوصل للقاح لفيروس كورونا سيدر مكاسب على الدولة المنتجة له، ليست اقتصادية فقط، بل قد يصبح قوة ناعمة تملكها الدول المطورة للقاح في وقت ضرب فيه الفيروس جيوب البشر بنفس القوة التي ضرب بها أبدانهم.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا