بعد إبحارها فى عالم الوباء، بدأت الأسواق المالية عام 2021 بحالة مرت بها من قبل، وقبل 12 شهراً، انطلقت السندات والأسهم فى يناير عند مستويات مرتفعة للغاية.
وترك الدمار البشرى والاقتصادى الذى نتج عن «كورونا» ندبات عميقة سوف تستغرق وقتاً طويلاً للشفاء، ومع ذلك، انتهى 2020 كعام قوى للغاية للأسواق بعد انهيار مبدئى فى مارس عندما بدأ فيروس كورونا فى الانتشار.
وتمكن المستثمرون الذين التزموا بمسارهم منذ بداية العام من حصد مكاسب مزدوجة الأرقام من الأسهم الأمريكية والعالمية وعائدات قوية من أسواق السندات، وحقق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» مكسباً سنوياً بأكثر من %16، بينما ارتفع مؤشر «إم إس سى آى» للأسهم العالمية أكثر من %14، كما بلغت العائدات الإجمالية العام الجارى لمؤشر «بلومبرج باركليز» للسندات حوالى %9.
ويبدو اتجاه السوق كفقاعة منطقية إلى حد ما بالنظر إلى التوقعات بأن استمرار أسعار الفائدة المنخفضة سوف يدفع المستثمرين لامتلاك المزيد من الأسهم وسندات الشركات مرتفعة العائد وذات الجودة الائتمانية الأقل.
وتعكس أسعار الأسهم المنتعشة والتقييمات معنويات متفائلة للأرباح والنمو الاقتصادى فى 2021 على خلفية التعافى المدفوع بالأمصال، كما أن الدعم من قبل الحكومات والبنوك المركزية سوف يستمر خلال أغلب 2021 بهدف تقليص الفجوة حتى يتمكن المستهلكون والشركات من الإنفاق من المدخرات التى جمعوها أثناء الإغلاق.
ويقول ديفيد كيلى، كبير الاستراتيجيين العالمى فى «جى بى مورجان آسيت ماندجمينت»، إن ضباب عدم اليقين من الوباء ينقشع وقد يكون هناك تعافٍ عالمى متزامن فى النصف الثانى من 2021 نتيجة الطلب المكبوت.
ويقول الاستراتيجيون إن هذا يعنى أن المستثمرين ينبغى أن ينظروا إلى أبعد من أسهم الشركات الأمريكية الكبيرة مرتفعة القيمة تجاه الأسواق الناشئة والصناعات المرتبطة بالدورات الاقتصادية مثل البنوك والطاقة والشركات صغيرة ومتوسطة رأس المال.
وبدأ التحول بالفعل، مع اتساع قاعدة الأسهم المنتعشة فيما يطلق عليهم الرابحون من الوباء، ومنذ نوفمبر كان هناك تدافع نحو أسهم المجالات المتعثرة وسندات الشركات التى تستفيد عادة من مجهودات تحفيز الاقتصاد.
ومع ذلك، فإنَّ انتعاش النشاط الاقتصادى ينبغى أن يضمن أسعار فائدة أعلى على المدى الأطول، ويعزز عدم اليقين بالسوق بشأن التزام البنوك المركزية بسياسات شراء السندات، وسوف يصبح ذلك موضوعاً ساخناً، خاصة فى حال تمكن الاقتصاد العالمى من تجاوز توقعات صندوق النقد الدولى للنمو بنسبة %5.2 فى 2021.
وكتب المحللون فى «تى إس لومبارد»: «تمتلك الأسهم العالمية تقييمات عالية بشكل خاص، وأصبحت الآن شديدة الحساسية للعائدات المرتفعة»، ومع ذلك يشك الكثير من المحللين فى أن البنوك المركزية سوف تتحرك سريعاً لتشديد الأحوال المالية.
وهذا هو أحد الدروس المستفادة من تاريخ السوق الحديث الذى أصبح وثيق الصلة بما يحدث حالياً، ونحن ندخل 2021، وخلال السنوات الخمس الماضية، تظهر مقاييس تقلبات الأسهم والسندات نهجاً من الأحوال الهادئة بشكل عام خلال أغلب الوقت، ثم تتوقف الموسيقى فجأة وترتفع التقلبات.
وخلال هذا الوقت، رفع ألبرتو جالو، مدير محفظة فى صندوق شركة «ألجبريز» للفرص الائتمانية العالمية، حجم النقدية فى محفظته، وبدءاً من 2021، يكرر الخطوة مع تحرك الأسواق تجاه «فترة فوران»، وتم تخصيص ثلث أصول صندوق «ألجبريز» للنقدية وأدوات التحوط، كما تحوط المستثمر بيل أكمان من استثماراته فى الأسهم فى نوفمبر من خلال التأمين ضد تعثر الشركات.
وسوف يعاقب العام القوى الآخر للأسهم، المستثمرين الذين احتفظوا بمستويات عالية من النقدية وأدوات التحوط، ولكن بالنظر إلى التفاؤل الكاسح من قبل أغلب المستثمرين والتزاحم فى المجالات الرائجة فى الأسواق، سيكون تجنب أسعار الأصول تقلباً خطيراً فى مرحلة ما من العام مدهشاً للغاية.
بقلم: مايكل ماكنزى
محرر الأسواق لدى صحيفة “فاينانشيال تايمز”
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا