سوف تتمكن أفضل الشركات من توليد أموال حتى مع تراجع البترول إلى 20 دولاراً للبرميل ولكن لا يوجد ما يكفى منها لتعويض التراجع فى حقول البترول
بقدر ما يبدو ذلك مغرياً فإن تكلفة إنهاء سيطرة المنظمة على الأسعار ستفوق أى مكاسب سريعة
تدرس وزارة العدل الأمريكية رسمياً سن قوانين مكافحة احتكار تستهدف الحد من سيطرة منظمة «أوبك» على أسواق البترول، ما يزيد من احتمالات وصول تشريع مناهض للمنظمة على مكتب الرئيس دونالد ترامب للتوقيع، وبقدر ما يبدو ذلك مغرياً، فإن تكلفة إنهاء سيطرة المنظمة على الأسعار ستفوق أى مكاسب سريعة.
ويوحى حب ترامب للجازولين الرخيص وانتقاداته للأوبك عبر تويتر بأن المشرعين لديهم صديق فى البيت الأبيض، ومع ذلك، فإن دعم ترامب العلنى للأمير محمد بن سلمان يشير بنفس القدر إلى أنه قد يتردد فى توقيع أى قانون قد يدمر المملكة وقائدها المنتظر وبذلك يضر بمبيعات الأسلحة التى يحرص عليها بنفسه.
ويعد المنطق وراء قانون مناهض للأوبك واضحاً، فتكاليف البترول الخام تشكل %60 من أسعار الجازولين والديزل عند وصولها للمستهلك النهائى فى أمريكا أى أكثر بكثير من أوروبا، حيث تشكل الضرائب معظم أسعار التجزئة، وبالتالى فإن خفض أسعار البترول من خلال الحد من قدرة «أوبك» على رفعها سوف يترجم سريعاً إلى جازولين أرخص، وهو أمر مرحب به بين الناخبين وله فوائد سياسية.
ولكن الوضع أكثر تعقيداً من ذلك، فارتفاع إنتاج البترول الأمريكى يعنى أنه سوف يساهم بقدر أكبر فى الاقتصاد مما كان عليه الوضع منذ عدة سنوات، وبالتالى، فإن فوائد انخفاض سعر البترول أقل وضوحاً بكثير عندما كانت أسعار البترول عند 100 دولار للبرميل، وكان إنتاج البترول الأمريكى نصف ما هو عليه اليوم، وعلى الأرجح سيؤدى الركود الحاد فى أسعار البترول إلى ازدياد سوء «الآفاق الاقتصادية الأمريكية الصعبة بالفعل»، وفقاً للاستراتيجيين فى «مورجان ستانلى»، وترى شركة «تى دى سيكيورتيز» أن انخفاض البترول سيضغط على الدولار أيضاً.
وماذا إذن بشأن التأثير الأوسع للحد من قدرة «أوبك» على إدارة المعروض العالمى وفقاً للتغير فى الطلب؟.. كنت قد كتبت من قبل أن إقصاء المنظمة سيعيق قدرة القطاع بأكمله على الاستجابة للخسائر غير المتوقعة فى المعروض، وصحيح أن ارتفاع ناتج البترول الصخرى سمح لترامب بإعادة فرض العقوبات على إيران دون التسبب فى ارتفاع الأسعار، ولكن هذا لن يدوم للأبد، فخلال 5 سنوات سنحتاج شبكة أمان جديدة، وإذا لم تقدمها «أوبك» فمن سيفعل؟
وقالت السعودية مراراً إنها لن توازن بين العرض والطلب بمفردها، واستغرق الاتفاق الذى ساعد على رفع أسعار البترول من انهيارها الحاد فى 2014 و2015 وقتاً طويلاً ليكتمل بسبب إصرار المملكة على انضمام المنتجين من خارج الأوبك للمبادرة.
ونحن ليس لدينا خبرة عن سوق بترول «حر»، وقبل «أوبك»، أدارت «الأخوات السبع» – وهم مجموعة من شركات البترول – المعروض وقبلهم هيئة السكك الحديدية فى تكساس، ويجب أن ننظر إلى العقود الأولى من القطاع فى ستينيات وسبعينيات القرن الثامن عشر لنرى التأثير الحقيقى للسوق الحرة بالكامل، وشهدت هذه الفترة أعلى تقلبات لأسعار البترول فى التاريخ – باستثناء فترة سبيعينات القرن الماضى أثناء حظر البترول العربى والثورة الإيرانية – وبالطبع سوف يسعد المتداولين المحبين للتقلبات، ولكن ليس المنتجين والمستهلكين.
وهناك أيضاً التساؤل المتعلق بأى ثمن سوف تتوقف عن جنى الأموال من الاستثمارات الجديدة فى الحقول، ونشرت شركة «وود ماكينزى» لاستشارات البترول فى مارس الماضى تقييماً لسعر التعادل المطلوب للتمكن من الاستثمار فى مشروعات جديدة.
وبالتأكيد، سوف تتمكن أفضل الشركات من توليد أموال حتى مع تراجع البترول إلى 20 دولاراً للبرميل، ولكن لا يوجد ما يكفى منها لتعويض التراجع فى حقول البترول، ومع تداول خام «برنت» بالقرب من 50 دولاراً للبرميل، أصبح خليج المكسيك وأجزاء واسعة من البترول الصخرى غير مجدية اقتصادياً.
لذا إذا أردت أن تمنع «أوبك» من إدارة المعروض لدعم الأسعار، احذر مما تتمناه، فهى مهمة لا تعود على صاحبها بالثناء ولكنها ضرورية.
بقلم: جوليان لى
استراتيجى بترول لدى وكالة أنباء «بلومبرج»
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا