تتمتع مصر، أكثر من أي بلد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بثروة من الفرص الاستثمارية. وبالرغم من ذلك، قد يرى بعض المتشائمون تلك الفرص على أنها انعكاسات حادة للتحديات التي تواجهها مصر (السكان، الموارد، المساحة)، لكن المستثمرين الباحثين عن المخاطرة يرونها كما هي، فرص لتحقيق عوائد مرتفعة على الاستثمار عند نشر رؤوس أموالهم هناك.
في الوقت الذي يحدث فيه تباطؤ أو هبوط في أسعار الفائدة في الأسواق المتقدمة بالإضافة إلى العوائد المُعدلة طبقاً لمعدلات التضخم على معظم الديون السيادية، أصبح بحث المستثمرين عن العوائد على مستوى العالم أمر مُلّح وهذا، مثل أي شيء آخر، يدفع التدفق الهائل لرأس المال المؤسسي إلى استثمارات خاصة. ومن المفترض أن تؤدي سيولة وندرة الاستثمارات الخاصة (العقارات، الأسهم الخاصة، البنية التحتية، الائتمان الخاص) إلى تحقيق عوائد أعلى يحتاجها المستثمرون إذا أرادوا الوفاء بعهودهم لأصحاب المصلحة.
لذلك فقد انتقل المستثمرون بالفعل إلى امتلاك أسهم وسندات الأسواق الناشئة ولكنهك يظلون أقل تعرضا للاستثمارات الخاصة في الأسواق الناشئة والأسواق الحدودية. هذه فرصة يجب أن تنتهزها مصر إذا أرادت جذب تدفقات رأس المال التي تحتاج إليها لتطوير اقتصادها في عصر ما بعد الاستثمار الأجنبي المباشر. فإن مستقبل الاستثمار الدولي لا يكمن في الشركات التي تأتي ضمن قائمة Fortune 1000، لكن في الشركات العاملة في إدارة رؤوس الأموال الخاصة مثل بلاكروك، و KKR، و بروكفيلد.
وعلى الرغم من ذلك، أدى انهيار مجموعة أبراج العام الماضي إلى حالة من القلق بين المستثمرين العالميين حيال مديرو محافظ الاستثمار الخاصة في الأسواق الناشئة (وخاصة الشرق الأوسط). وأصبح هناك نظرة سلبية تتعلق بمقار مديري محافظ الاستثمارات الخاصة وليس بالمجالات التي تستثمر فيها صناديقهم.
إن الخطأ المرتبط بتطبيق قواعد الحوكمة في أبراج قد فسره المستثمرون باعتباره نتيجة ضعف خطير في الأجهزة الرقابية والتنظيمية في الأسواق الناشئة وهي في حالة أبراج متمثلة في مركز دبي المالي العالمي DIFC. وبالطبع فإن البيان الاخير لسلطة دبي للخدمات المالية والذي أعلنت فيه عن أكبر غرامة في تاريخها يبدو كما لو كان عملية اغلاق لباب الاسطبل في وجه حصان مذعور يركض من خوفه ولكن يجب أن يتحمل المستثمرون أيضا جزء من المسئولية.
إن رؤوس الأموال الخاصة تحتاج إلى النمو، والفرصة، والسلاسة، والشراكة المحلية إذا نظرنا إلى استقطاب شركة أندوك مؤخراُ لاستثمارات بقيمة 4.6 مليار دولار من قبل مؤسسة الخليج للاستثمار وبلاكروك وKKR في أعمال خطوط أنابيب أدنوك في الخليج، إن هذه الالتزامات الاستثمارية الكبيرة التي تعد الأولى من نوعها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تؤكد أنه بوجود الأصول المناسبة والشريك المناسب، تصبح هناك رغبة لنشر رؤوس الأموال من عمالقة رؤوس الأموال الخاصة في العالم. وفقاً لما قالته شركة Preqin، شركة تحليل رؤوس الأموال الخاصة الاحتياطيات النقدية في محافظ الاستثمار الخاصة على مستوى العالم (الموجودة وغير المستثمرة) والتى تقدر بما يتجاوز 2 تريليون دولار في يناير 2019.
إن رؤوس الأموال العالمية تُفضل دائماً العمل مع شركاء محليين من الحكومة ومن الشركات ومن مستثمري رأس المال الخاص المحلي. إذا أراد قطاع رؤوس الأموال الخاصة الإقليمية التعافي من كارثة أبراج، فسيتم ذلك بشكل أسرع بكثير إذا كان لديها شراكة مع نظيراتها العالمية.
إن الخبرات المحلية والرؤية الواضحة والتواجد القوي يعكس قيمة حقيقية للشركات العالمية، إنها فرصة يمكن للمديرين هنا في مصر الاستفادة منها إذا اغتنموا هذه الفرصة بالشكل الصحيح. بالإضافة إلى ذلك، فإن الشراكات الجيدة أيضاً تعني المزيد من العوائد والخبرات للسوق المصري، مما يجعل نموها أكثر استدامة.
يمكن أن تُصبح رؤوس الأموال الخاصة مصدرًا حقيقيًا ودائمًا للاستثمار في مصر -إذا قامت مصر بإقامة المشروعات المناسبة وهيئت لها البيئة التشريعية المناسبة لكي تحافظ على هذه الاستثمارات. فلابد أن يصبح ذلك في مقدمة أولوياتها مع بناء علاقات جيدة مع مديري رؤوس الأموال الخاصة المحلية والدولية. سيكون ذلك جيدًا لمصر وجيدًا للمستثمرين العالميين الذين يحتاجون إلى العوائد التي يمكن أن توفرها هذه الدولة الناشئة.
*كاتب المقال هو مستشار تحرير مؤتمرات يورومني، والآراء التي يتضمنها المقال تعبر عن رأيه الشخصي.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا