اعتباراً من اليوم الاثنين، ستكون هناك شركة بترول واحدة فى مؤشر «داو جونز» الصناعى وهى «شيفرن كورب»، ولا ينبغى أن يشكل شطب شركة «إكسون موبيل كورب» من المؤشر، أى دهشة، بعد تواجد غير منقطع، دام منذ 1928.
فهذه ليست نهاية عصر شركات البترول الكبرى، ولكنها ربما تسجل بداية النهاية، وربما يبدو من الغريب إزالة واحدة من شركتى البترول الوحيدتين فى المؤشر، فى وقت حولت فيه الطفرة الصخرية دور أمريكا فى السوق العالمى.
فبعد كل شيء، تنتج الولايات المتحدة بترولاً وغازاً طبيعياً أكثر من أى دولة أخرى، وارتفع إنتاج البترول المحلى، العام الماضى بنسبة 125% من المستويات المشهودة فى 2010، فى حين ارتفع إنتاج الغاز بنسبة %6، ولكن هذه الأرقام تحكى جانباً واحداً من القصة، وليس الجانب الأكثر أهمية.
وهذه ليست المرة الأولى التى تكون هناك شركة بترول واحدة فى مؤشر «داو»، وكانت المرة الأخيرة بين 2000 و2008 عندما كانت «اكسون» الممثل الوحيد للقطاع فى المؤشر.
وإذا عدنا إلى الوراء، وتحديداً إلى عشرينيات القرن الماضى، لم يكن هناك أى شركة على الإطلاق لوقت قصير امتد لأسبوعين عام 1924، ولكن لماذا أزال المؤشر «أكسون»وليس «شيفرون»؟
والجواب سهل، فـ»داو» يعتمد فى حساباته على أسعار الأسهم وليست القيمة السوقية، ويبلغ سعر سهم «شيفرون» أكثر من ضعفى سعر سهم «أكسون»، ما يعطيها ثقلاً أكبر فى المؤشر، وفى نهاية تداولات يوم 27 أغسطس، كانت «شيفرون» تشكل %2.04 من ثقل المؤشر، فى حين كانت «اكسون» تمثل %0.96.
وستؤدى إزالة «أكسون» من مؤشر «داو»، إلى تقليص ثقل القطاع لمستوى منخفض غير معقول، بعد أن كان سهمها أفضل أداء من المنافسين الأكبر على مدار أى فترة فى الآونة الأخيرة يمكن أن نختارها.
وإحلال شركة «سيلز فورس»، عملاق برامج الحوسبة السحابية، محل «اكسون»، يسلط الضوء على تطور الاقتصاد الأمريكى رغم أن الرئيس الحالى يجعل من صناعات الوقود الأحفورى أبطالاً قومية.
وساعدت طفرة البترول الصخرى الأولى، التى شهدت ارتفاع إنتاج الغاز الطبيعى بدءاً من 2005 ثم تلاها البترول بعد خمس سنوات، على حدوث ارتفاع هائل فى وظائف القطاع.
وارتفع عدد الأشخاص العاملين فى استخراج البترول والغاز من حوالى 125 ألف شخص خلال النصف الأول من 2005 إلى أعلى مستوى لها متجاوزاً 200 ألف شخص نهاية 2014، وفقاً لمكتب إحصاءات العمل.
أما الطفرة الثانية من البترول الصخرى، فخلقت فقط ربع الوظائف التى تم التخلص منها فى القطاع بين عامى 2015 و2017، قبل أن تفقد هذه الطفرة زخمها فى نهاية العام الماضى، ثم ضرب فيروس كورونا.
ورغم مستويات الإنتاج القياسية، ساهم استخراج البترول والغاز بنسبة %1 فقط فى الناتج المحلى الإجمالى الأمريكى العام الماضى،وفقا لمكتب التحليلات الاقتصادية، ولم يعد قطاع البترول مثلما كان عليه فى الماضى، فى ظل قيادة أغلب الطفرة الصخرية من قبل شركات بترول وغاز مستقلة صغيرة،وأصبح تصور شركات البترول الكبرى أقل أهمية.
ولا تواجه شركات البترول الكبرى، رياحاً معاكسة فى الولايات المتحدة فحسب، وإنما فرصها وسمعتها تنحسر فى جميع أنحاء العالم، وتعمل شركات البترول الكبرى بما فى ذلك «رويال داتش شل»، و«بى بى»، و«توتال»، فى عالم حيث يحظر عليها عادة الدخول إلى المشروعات الأساسية.
فهى ممنوعة من الاستثمار فى مناطق الإنتاج الرئيسية منخفضة التكلفة مثل السعودية وإيران وفنزويلا وروسيا، سواء بسبب القوانين المحلية او مخاطر الخضوع لعقوبات، وفى مناطق أخرى تواجه شروطاً تعاقدية تجعل الاستثمار غير جذاب.
وليس فقط نقص الفرص لاستكشاف وتطوير حقول بترول كبيرة وجديدة هو التحدى الوحيد الذى يواجه تلك الشركات، وإنما تواجه الحاجة لإعادة ابتكار نفسها فى عالم تخضع فيه أعمال البترول الرئيسية لضغوط متزايدة من المستهلكين وتأثيره على التغير المناخى والتلوث المحلى، وبدأت للتو العملية الطويلة والصعبة لتحول كبرى شركات البترول إلى منتجى طاقة مستدامة.
وربما لا تسجل إزالة «أكسون» من مؤشر «داو» نهاية الشركات الكبرى أو حتى قرب النهاية، ولكنه يعكس فشل القطاع فى التكيف.
بقلم: جوليان لى
كاتب مقالات رأى لدى بلومبرج
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا